• Background Image

    ما هي وزناتي التي وهبني إياها الله؟

    September 1, 2018

September 1, 2018

ما هي وزناتي التي وهبني إياها الله؟

ما هي وزناتي التي وهبني إياها الله؟.

من الأمور الهامة التي ينبغي أن يتميز بها الشخص المدبر والمسؤول عن الخدمة وسط آخرين، هي قدرته على اكتشاف المواهب. لذلك أحببتُ أن نتحدث اليوم عن “المدبر واكتشافه للوزنات”.

في الكنيسة، نحن نؤمن أن لكل واحد منا موهبة قد أعطيت له من الله وذلك لكي تكون الكنيسة التي هي جسد المسيح كاملة وقوية، ففي الكنيسة لا يوجد إنسان غير نافع لملكوت السموات بشكل أو بآخر. فكل إنسان يسمح له الرب أن يكون ضمن عُمّال حقله الرحب، لابد أن تكون له رسالة محددة وعلينا أن نكتشف هذه الرسالة أو (الموهبة). إذاً، كل إنسان له موهبة، وهذه الموهبة هي مُهداة له من الرب نفسه ولا غنى عنها، ولا بُد من  مُراعاتها والعمل بها وعليها، لأنها تكمل رسالة باقي الأعضاء في الجسد الواحد.

وعن ذلك يكتب بولس الرسول في رسالته الأولى لأهل كورنثوس قائلاً: ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بنفسه قاسماً لكل واحد بمفرده كما يرى وحسب مشيئته. فكما أن الجسد هو واحد وله أعضاء كثيرة وكل أعضاء الجسد بالرغم من تعدّدها، هي تابعة لجسد واحد، كذلك هي حالنا مع المسيح أيضاً، لأننا جميعنا بروح واحد أيضاً اعتمدنا إلى جسد واحد يهوداً كنا أم يونانيين، عبيداً أم أحرار وجميعنا سُقينا روحاً واحداً فإن الجسد أيضاً ليس عضواً واحداً بل مجموعة أعضاء كما أشرت آنفاً (1كو 12 : 11 – 13 ).

الكتاب المقدس يقدم لنا أمثلة كثيرة لشخصيات متعددة أستخدم الرب وزناتهم جميعاً بالرغم من اختلاف شخصياتهم وتفاوت مستوياتهم الإجتماعية وقدراتهم العلمية. كما يتحدث الكتاب المقدس عن العديد من أنواع المواهب وهي تزيد عن 21 موهبة.. فالله أستخدم وزنات البسطاء كعاموس النبي مثلاً، الذي كان جانياً للجميز، كما أستخدم الصيادين البسطاء وصيرهم تلاميذاً له .. أيضاً أستخدم مواهب بولس الرسول الذي كان على جانب كبير من الثقافة، (دون أن ننسى رتبته في الأمبراطوريّة الرومانية) والتي كانت محصورة بشريحة خاصة من المجتمع (الحر الراقي)، يعني الناس المُتعلمين في عصره، كذلك يوصي بولس الرسول تلميذه ” فلهذا السبب أذكرك أن تضرم الموهبة التي فيك بوضع يدي لأن الله لم يعطنا روحَ الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح” ( 2 تي 1 : 6 – 7 ).

نعود إذن لنُميط اللثام عن كيفية اكتشاف المدبر لهذه المواهب فيمن يخدمون معه؟ كيف يُنميها بحسب مشيئة الله؟ وكيف يتجنب السلبيات التي تظهر أثناء التعامل مع مواهب الآخرين؟ وكيف يوصلها إلى أمام الرب؟. هذه كلها أمور هامة جداً، أحببت أن أتحدث عنها  بشيء من الوضوح المُختصَر والمُبسّط…

كيف نكتشف مواهبنا ومواهب الآخرين ؟

كبداية: علينا أن نراعي ما يلي:

       روح الصلاة : على المدبر أن يولي هذا الموضوع اهتماماً خاصاً، ويطلب من الرب أن يُعلمه بوزنات من يعملون معه لكي يكون أمينا في استثمارها بحب مشيئة الرب، لأن طلب اكتشاف الموهبة أو الرسالة هو طلب يحب الله أن يسمعه منا. فالخادم الأمين لا يحتاج أن يسأل فقط من أجل اختيار الطريق (أي نوع من الخدمة)، بل أيضاً يحتاج أن يطلب من أجل أن يكشف له الرب الوزنات التي أعطاها له ولكل ابن من أبناءه.

أيضاً على الخادم أن يطلب دائماً من الرب قائلاً: ( ماذا تريد مني يا رب بشأن هؤلاء الأخوة المؤمنين ) ؟ فأنا أؤمن يا سيد أن لك قصد في كلِّ واحدٍ، أرِني هذ القصد بحكمتك؟  هكذا كان لسان حال بولس الرسول حينما كان يسأل (ماذا تريد يا رب  أن أفعل)؟ هل أعود لأخدم الأمة اليهودية ؟ أم أذهب للبرية ؟ أم أنزل للكرازة بين الأمم؟.

كلُّ هذا، يجب أن يكون بروح الاتضاع والتجرّد، ويكون الأساس هو الشعور بأن الفضل يعود دائماً وأبداً إلى الرب وحده.

     الإتكال على نعمة الروح القدس : لم يكن بطرس الرسول قبل حلول الروح القدس يتصور أن تصل ثمار خدمته إلى هذا الحد ليكسب بعظته في يوم الخمسين ثلاثة آلاف نفس دُفعةً واحدة، ولا أن يكتب رسائل تحمل كل هذه القوة الروحية. ولكن هي نعمة الروح القدس التي تعمل في كل إنسان لتمنحه مواهب ووزنات لا يتصورها أو يتوقعها عقله البشري، وهذا ما  جعل  بطرس كارزاً  للإنجيل ومكّنه من أن يكسب نفوساً كثيرة للرب في ذلك اليوم المُبارك.

طاعة الإيمان وقبول العمل : علينا أن نفهم أن الله يستخدم كل من يسلم فكره وحياته بروح طاعة الإيمان. فالكتاب المُقدس يحدثنا عن كثيرين طلب منهم الرب رسالة محددة. البعض اعتذر بسبب الإحساس بصغر النفس أو الدونيّة أو ربما عدم الإستحقاق وهرب تماماً كما فعل موسى النبي قائلاً “لست أنا بصاحب كلام منذ أمس ولا أول من أمس” (خر 4 : 10) وذلك بالرغم من أن الرب كان يُعدّ موسى لهذه المهمة لمدة 80 سنة، وعندما أصر الرب أن يذهب موسى، أطاع هذا الأخير وصار قائداً ناجحاً.

     جديّة السلوك : لكي نكتشف مواهبنا نحتاج أيضاً أن نسلك بجدية في الخدمة، فيونان عندما أطاع ودخل الى مدينة نينوى ونادى أهلها، (آمن أهل نينوى بالله ونادوا بصوم ولبسوا مسوحاً من كبيرهم إلى صغيرهم). يونان 3 : 5. لذلك يجب أن ننتبه إلى أن الهروب والإعتذار والشعور بالنقص والخوف من الفشل أو استعمال مواهب ليست لنا، كلها أشياء تعطل الإنسان عن اكتشاف المواهب التي يمنحها الرب لأولاده.

أنهي الكلام بالقول أن المدبر يصلي ويدعو للخدمة، والخادم يعتمد بدوره على نعمة وعطية الروح القدس فيُطيع ويسلك بجدية. وهكذا، يستخدم الرب مواهب ووزنات جميع المؤمنين السالكين (بحسب مشيئة) الرب.

0 Comments

Leave A Comment

Leave a Reply